المبعث النبوی.. الإعلان الإلهی لبلوغ الإنسان

ذکرى المبعث النبوی الشریف حیث بدأ نزول القرآن الکریم على الرسول الأعظم محمد (صلى الله علیه وآله) هی أهم المفاصل التاریخیة فی مسیرة الإنسان لأنها ذکرى آخر اتصال - بواسطة الوحی - بین الإنسان وخالقه ولأن هذا الوحی الأخیر المتمثل بالقرآن الکریم کان احتواء واکمالاً لکل الرسالات السماویة التی أرسلها الله تعالى إلى البشریة بواسطة أنبیائه ورسله.

 وهذا لا یعنی أن انقطاع النبوة یعنی انقطاع الرعایة الإلهیة للبشر والحیاة والکون. ولکن یعنی أن الدرجة المطلوبة لیغدو الإنسان قادراً على التصرف بما یحقق الغایة من خلقه قد تحققت کما أشار القرآن الکریم:

(الیوم أکملت لکم دینکم وأتممت علیکم نعمتی ورضیت لکم الإسلام دیناً...).

إنها - إذن ذکرى إعلان الرشد الإنسانی واکتمال عناصر الوظیفة التی خلق من أجلها الإنسان وهی القیام بدور الخلافة على هذه الأرض. لذلک اختار الله تعالى أکمل خلقه للقیام بهذا الإعلان من خلال قیامه بإبلاغ البشر آخر رسالات ربهم إلیهم والرسول الأعظم کان لابدَّ أن یکون أکمل البشر لیقوم بأعباء هذه المسؤولیة الکبرى فهو إذ یؤدی إلى الناس أکمل رسالات ربه لابدَّ له أن یکون النموذج البشری الکامل من حیث تمثله الکامل لهذه الرسالة والتجسید التام لها لیکون بعد ذلک نموذجاً وقدوة للناس من جهة وحجة علیهم من جهة أخرى. وإذن فإن المبعث النبوی الشریف هو تذکیر لنا بحقیتین تقترن

إحداهما بالآخرى وتکملها:

1 ـ الحقیقة الأولى: هی أن الإنسان منذ المبعث النبوی الشریف أصبح یمتلک عناصر الوعی والرشد والمعرفة التی تؤهله لتحمل مسؤولیاته الکاملة فی الکون والحیاة والمجتمع وبموجب هذه المسؤولیة تم تکریسه بوصفه کائناً حراً یتمتع بهذه الحریة ویتحمل مسؤولیاته الناجمة عن اختیاراته. وهذا ما یشیر إلیه قوله تعالى الموجه إلى النبی (صلى الله علیه وآله) (فذکر إنما أنت مذکر لست علیهم بمسیطر) وقوله تعالى: (ومن شاء فلیؤمن ومن شاء فلیکفر).

2 ـ والحقیقة الثانیة: هی أن المبعث النبوی الشریف هو الأیذان ببدء نزول الرسالة الإلهیة الشاملة الجامعة لما سبق من الرسالة وألمکملة لها. بحیث أصبح للإنسان مرجعیة شاملة تتمثل بالإسلام عقیدة وشریعة وکتاب هدایة شاملا هو القرآن الکریم، ورسولاً بشراً کاملاً هو محمد (صلى الله علیه وآله) وهذه الرسالة بعناصرها التی ذکرنا باتت مرجعاً للبشر وحجة علیهم. على قاعدة هاتین الحقیقتین نرى أن العالم الإسلامی یجب أن ینطلق فی تجدید ذاته وحضارته تمهیداً لاستعادة دوره.

إن التمسک بهاتین الحقیقتین سوف یعید لکل من العقل والوحی اعتبارهما ویضع کلاً منهما فی نصابه الطبیعی فلا یلغی أحدهما الآخر لأن أحدهما لا ینوب عن الآخر ولا یختزله وهما معاً - متکاملین - یشکلان الأساس لحضارة العدل والتوازن التی هی رسالة الإسلام للإنسانیة بأجمعها.

من هنا فإن ذکرى المبعث النبوی الشریف سوف تظل الذکرى المتجددة التی لا تنتهی حاجتنا منها إلى التأمل والاعتبار.. ویجب أن تتحول هذه الذکرى فی حیاة المسلمین إلى محطة سنویة فیها لصاحب الذکرى

نبینا الأعظم (صلى الله علیه وآله) کشف حساب عن انجازاتنا فی سبیل قیام الأمة التی أرسى قواعدها.. أمة الوحدة والعدل والأمة الوسط وفقاً لقوله تعالى: (وکذلک جعلناکم أمة وسطاً لتکونوا شهداء على الناس ویکون الرسول علیکم شهیداً) وسلام على المبعوث رحمة للعالمین.

مراحل الدعوة الإسلامیة

أوائل المؤمنین بالنبی(صلى الله علیه وآله) ورسالته السماویة

من معاجز النبی (صلى الله علیه وآله)